الكنيسة القبطية الأرثوذكسية مُختصر تاريخي الكنيسة القبطية هي الكنيسة الأولى في أفريقيا. تأسست على يد القديس مرقس الرسول. كان القديس مرقس واحدٌ من رُسل المسيح السبعين، وواحدٌ من كُتَّاب الأناجيل الأربعة. جاء القديس إلى الإسكندرية بمصر في عام 48 م واستشهد بنفس المدينة عام 68م تعتبره الكنيسة القبطية البابا الأول لها رسم القديس مرقس الأسقف الأول (إنيانوس) الذي صار لاحقاً البطريرك الثاني للكنيسة القبطية، ومن وقتها تَرسِم الكنيسة أساقفة وكهنة وشمامسة، كل جيل يُسلِّم لمن يليه.
ما معنى كلمة “قبطي”؟ كان اسم “مصر” بالفرعوني هو “حِك-كا-بتاح” [حِت-كا-بتاح] الذي تطوَّر عبر العصور للاسم اليوناني “إيجيبتوس” ثم للاسم العربي “جِبْط” ثم “إيجبط” أو “قبط”. ومن ثم فالكلمتان “قبطي” و”مصري” هما مترادفتان، لكن عبر الزمن صارت الكلمتان “قبطي” و”مسيحي” يُستخدمان بالتبادُل للإشارة لنفس المعنى.
ما معنى كلمة “أرثوذكس”؟ تعني كلمة “أرثوذكس” مُستقيم الرأي، أي أنها: كنيسة قد أسسها الرُسل.كنيسة تتبع نفس الإيمان المسيحي وتعاليم الرُسل التي تسلموا إياها من السيد المسيح.رُتب الإكليروس فيها تأتي من سلسال متواصل يعود تتبعه إلى الكنيسة المسيحية الأولى.
كيف أمكن حِفظ تعاليم الرُسل حتى الآن؟ كلَّم السيد المسيح رُسله قائلاً: “فَاذْهَبُوا وَتَلْمِذُوا جَمِيعَ الأُمَمِ وَعَمِّدُوهُمْ بِاسْمِ الآب وَالابْنِ وَالرُّوحِ الْقُدُسِ. 20وَعَلِّمُوهُمْ أَنْ يَحْفَظُوا جَمِيعَ مَا أَوْصَيْتُكُمْ بِهِ” (الإنجيل بحسب القديس متى 19:28-20) وقال القديس بولس الرسول: “لأَنَّنِي تَسَلَّمْتُ مِنَ الرَّبِّ مَا سَلَّمْتُكُمْ أَيْضًا” (الرسالة الأولى لأهل كورنثوس 23:11) وقال أيضاً: “وَمَا سَمِعْتَهُ مِنِّي بِشُهُودٍ كَثِيرِينَ، أَوْدِعْهُ أُنَاسًا أُمَنَاءَ، يَكُونُونَ أَكْفَاءً أَنْ يُعَلِّمُوا آخَرِينَ أَيْضًا” (الرسالة الثانية لتيموثاوس 2:2)
مصادر التعليم الأرثوذكسي الكتاب المُقدَّس.التقليد المُسلَّم من آباء الكنيسة الأولى الذي يشمل القداسات (= الليتورجيات) القديمة والطقوس والصلوات.المجامع المسكونية. وهكذا سُلَّمَت تلك التعاليم من جيل إلى جيل بالتقليد الشفاهي والكتابي ومن خلال حياة الكنيسة حتى تسلَّمناها نحن.
اسهامات الكنيسة القبطية في المسيحية
مدرسة الإسكندرية أسَّسَها القديس مرقس، وفي سنوات الكنيسة الأولى خرج منها العديد من القادة الروحيين سواء في مصر أو خارجها. وهكذا صار منهجها مثالاً تقتدي به العديد من الندوات والمعاهد اللاهوتية حول العالم.
الحفاظ على الإيمان المسيحي القويم منذ أيامها الأولى، حارب آباء الكنيسة القبطية ضد الهرطقات والأفكار المُنحرفة عن فِهم الإيمان المستقيم. ومن ضمن هؤلاء الآباء القديس أثناسيوس وهو مَن كتب قانون الإيمان الذي لا يزال مُستخدماً من قِبَل جميع الكنائس الرسولية إلى اليوم. وقد احتمل الكثير من الضيقات خلال حياته وقضى ما يزيد عن سبعة عشر عاماً في المنفى. وكان شعاره الأشهر “أنا ضد العالم” الذي بيَّن تعهده بحفظ الإيمان.
مهد الرهبنة يتتبع جميع الرُهبان والراهبات المسيحيين نظامهم إلى الرهبنة القبطية التي بدأت في صحاري مصر. فبعد انتهاء تهديد الاضطهاد، كان لا يزال لدى الكثير من المسيحيين الرغبة في تقديم حياتهم لله، فالتفتوا إلى الصحاري وعاشوا حياة البذل التي تميزت بمجموعة من الممارسات كالصوم والصلاة والعمل الجسدي والوحدة والصمت.
كنيسة الشهداء تُجل الكنيسة القبطية الأرثوذكسية الشهداء وتُكرِّمهم، هؤلاء الرجال والنساء الذين عُذِّبوا وماتوا من أجل إيمانهم. خلال القرن الأول: استشهد غالبية تلاميذ ورُسل السيد المسيح، وبعدها واصلت الدولة الرومانية اضطهاد المسيحيين. خلال القرن الثاني: شهدت الكنيسة القبطية واحد وعشرين موجة من الاضطهاد، كان أشدها فترة حُكم الإمبراطور الروماني ديوكلتيان (= دقلديانوس)، فخلال حُكمه قدَمَت الكنيسة عدد لا يُحصى من الشهداء يُقدَّر بين خمسمائة ألف ومليون شهيد. ورغم سنين الاستشهاد والاضطهاد، ظل عدد المؤمنين يتزايد. إذ قد ألهمت حياة الشهداء الكثيرين لاعتناق الإيمان المسيحي. كتب ترتُليان (مُحامٍ بشمال أفريقيا في القرن الثالث): “لو وُضِع جميع شهداء العالم في كفة واحدة من الميزان، ووُضِع شهداء مصر في الأخرى، لرجح الميزان في صالح الأقباط”.
واليوم تتميز الكنيسة القبطية بالممارسات الروحية التي تهدف لتوحيد أبناءها بيسوع المسيح ولحياة الإيمان الحقيقي. تلك الممارسات تتضمن الصلاة والصوم وحياة الأسرار الكنيسة.